الأحد، 24 أبريل 2016

عودة الجنرال المزعج

عودة الجنرال المزعج


عودة الجنرال المزعج

بيانا شفيق عن تيران وصنافير اعتمدا سياسة مخاطبة الشعب رأسًا وتنحية النظام الحاكم جانبًا

لا أحد يعلم إذا كان شفيق لا يزال طامعًا فى الرئاسة أم لا.. لكن لا توجد تحركات بغير أهداف ودوافع

الجنرال السابق حائر من عدم منحه الضوء الأخضر للعودة إلى القاهرة من منفاه الاختيارى

لم يقرأ كثيرون البيان الثانى لأحمد شفيق، الخاص بأزمة جزيرتى صنافير وتيران، بالتمعن المطلوب.. الجميع انحاز إلى فرضية أن المرشح الرئاسى الأسبق تراجع عن موقفه الذى بدا من بيانه الأول وتم تأويله كتشكيك فى ملكية المملكة العربية السعودية للجزيرتين الصغيرتين. الأوقع أن شفيق تبنى فى بيانه الثانى صيغة لا تمس علاقاته السابقة التى يفترض فيها المتانة مع المملكة بشكل عام والخليج بصفة خاصة من جهة، ومن جهة أخرى لعله آثر ألا يمنح نظام الرئيس عبد الفتاح السيسى فرصة النظر إليه كمارق يجهر بالعداوة.

فى المحصلة، حافظ الجنرال السابق على خط رفيع غاية فى الحساسية، مفاده مخاطبة الشعب رأسًا، وتنحية النظام الحاكم جانبًا، فكانت أسئلته الحرجة فى البيان الأول أقرب إلى مطالبة صريحة للسلطة لمكاشفة الناس بالوثائق والمستندات بأسباب إعادة صنافير وتيران إلى المملكة، مع التنبيه بعدم قبول أن تتكرر الأخطاء المرتكبة فى قضايا مهمة كسد النهضة، شهدت انتكاسات مصرية ما، مجددًا فى قصة الجزيرتين.

وفى البيان الثانى، وبعيدًا عن الحل الآمن الذى لجأ إليه بالقطع بأحقية الرياض للبقعتين العائمتين فى مدخل خليج العقبة، فإنه أعاد التشديد على خطأ صانعى القرار بمفاجأة المصريين بقرارات تثير لغطًا دون التحضير لها جيدًا بموافاة الشعب بالحقيقة القاطعة. شفيق يعود إلى سياسة الإزعاج لحاكمى القاهرة، ولكن هذه المرة من بوابة التلسين الإعلامى المبطن. قبلًا، عبرت العلاقة بين نظام السيسى وشفيق المقيم بالإمارات منذ إعلان خسارته أمام الرئيس الإخوانى، محمد مرسى، صيف العام 2012، بأجواء متباينة ما بين الصفاء والغيوم، وأحيانًا الزعابيب.

فى اللقطة الأولى بارك شفيق وصول السيسى سدة الحكم، وشد على يديه امتنانًا وتشجيعًا.. ثم بدأت همهماته المتسائلة عن سر عدم رفع اسمه من قوائم ترقب الوصول، أو بالأحرى عدم منحه الضوء الأخضر للعودة إلى القاهرة من منفاه الاختيارى المطل على الخليج العربى.

ثم تصاعدت الهمهمة وصارت امتعاضًا تجاه سر عدم إجلاء الحقيقة فى قضيته الخاصة بتزوير الإخوان للانتخابات التى صعدت بمندوبهم إلى سدة الرئاسة.. جهر مقربون منه بفرضية جدلية تزعم أن السلطة الحالية تخشى الإقرار بنجاحه الافتراضى، حتى لا يتم الإخلال بكافة المراكز القانونية التى تلت ذلك، وأهمها تنصيب رئيس جديد وانتخاب برلمان وإقرار دستور بعد زوال دولة المرشد.

السلطة بالقاهرة لم تتفرج كثيرًا، وسُرب فى الإعلام وربما عبر قنوات وسيطة ما يمكن اعتباره عتابا مصريا لصمت الإمارات على تحول مقر إقامة شفيق لمركز إزعاج يحج إليه كثيرون من القوى النشطة فى الميديا والاقتصاد والسياسية من حين لآخر.

التقطت أبو ظبى الإشارة، وجاء رجالها الكبار الواحد تلو الآخر لتتبرأ من أى فعلة هوجاء من الفريق. الأخير دخل فى فترة صمت لم تدم طويلًا، مع تسريبات عن تشكل لوبى كبير يقوده رجل أعمال مصرى مقيم بالولايات المتحدة للنفخ فى ثقل وتأثير الرجل.

مؤخرًا طالعنا كاتبا مرموقا قريبا من دوائر المعلومات بالسلطة بتنبيه جاد وصريح للرئيس، بأن من يعتبرهم رجاله فى السياسة والإعلام ومجتمع البزنس، إنما ولاؤهم الأول لجنرال يقيم بدولة خليجية لا تخفى نواياه الطامعة فى السلطة.. الكلام كاد أن يقول بوضوح: الفريق شفيق، لكنه آثر التلميح الفج. عودة شفيق ولو ببيانات إعلامية فقط بشأن قضية أشعلت الأجواء بمصر، لا يمكن التعامل معها إلا بانتباه كبير.. فهو واقعيا كان طامحًا يومًا فى كرسى الرئاسة، وغيره جنرالات سابقون سعوا نفس مسعاه السابق، منهم من رحل عن عالمنا كاللواء عمر سليمان، ومنهم من لا يزال على قيد الحياة كالفريق سامى عنان، وطالما أن رجال السلطة الحاكمة لا يزالون يرتكبون أخطاء مغرقة فى السذاجة تفتح المجال لتوجيه سهام الانتقاد إليهم والأهم هدر شعبية الرئيس، فمنطقيا سيظل الطامح السابق على طموحه إلى حين، أو فى انتظار هدية قدرية.

لا يجب تجاهل حقيقة أن الغرب وبعض القوى الإقليمية ما تزال ترمق نظام السيسى بكثير من التحفز إن لم يكن التآمر، وفى تلك الأوقات قد يحادث أحدهم نفسه بضرورة الاستعداد للعب دور البديل الجاهز. لا أحد يعلم على وجه الدقة هل تلك هى نية شفيق أم لا، لكن مثلما لا يوجد رماد بغير نار، فلا توجد تحركات ورغبات فى الظهور المؤثر بغير أهداف ودوافع.

الموجز - اليوم الجديد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Search