السبت، 30 أبريل 2016

«سر تراجع مصر عن بناء جسر سلمان»

«سر تراجع مصر عن بناء جسر سلمان»


حين قال الدكتور جلال سعيد وزير النقل، خلال اجتماعات المكتب التنفيذي لوزراء النقل العرب، أن هناك اقتراحا لإنشاء نفق بدلا من الجسر البري بين مصر والسعودية، مؤكدًا أنه ليس الحل الأفضل، من الناحية الاقتصادية؛ باعتبار أن حفر الأنفاق مكلف للغاية بنسبة كبيرة تفوق الكباري، كان السؤال الأبرز الذي طارد أذهان الشارع المصري هو «إذن لماذا تقترحون تحويله نفقًا رغم أنه أكثر تكلفة؟». المشكلة الأكبر هي أن «سعيد» أكد أن الوزارة شكلت لجنة فنية من الإدارة المصرية في مختلف التخصصات والمجالات لدراسة مشروع إنشاء الجسر من الناحية الفنية والبيئية والمالية، فضلا عن دراسة حركة الملاحة في المنطقة والارتفاعات المطلوبة للمشروع، وطبيعة وحجم الشُعب المرجانية والطبيعة الجيولوجية الصخرية للمشروع، وعمق المياه التي يمر فيها المشروع، وهو ما يعطي انطباعًا أوليًا بأن الفكرة من البداية طُرحت دون تفكير، إذ كيف يُعلن عن مشروع قبل إجراء الدراسات الخاصة به، وهي التصريحات التي تضع الدولة في موضع الحرج. 

اعتراض إسرائيل 

يربط البعض بين تحويل فكرة الجسر إلى نفق وبين، اعتراض إسرائيل التى رأت أن فكرة إنشاء جسر برى بين السعودية ومصر ومروره بين الجزيرتين تيران وصنافير التى تقعان فى مدخل خليج العقبة، عقبه تهدد حركه الملاحة الاسرائيلية، من البحر الأحمر الى ميناء ايلات، ولوحت بنص المادة الخامسة من معاهدة كامب ديفيد الموقعة بينها وبين مصر عام 1978 وهي المادة التي تؤكد حق حرية الملاحة عبر مضيق تيران، وكشفت الإذاعة الإسرائيلية، أن إسرائيل أعلنت مرارا وتكرارا أنها تعتبر إغلاق مضيق تيران "سببا مباشرا للحرب". وتباينت الآراء في هذا الشأن حيث أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، موشي يعالون، عدم اعتراض بلاده على تشييد جسر يصل مصر بالسعودية، كما أكد عدم اعتراض تل ابيب على نقل السيادة على جزيرتي "تيران" و"صنافير" إلى السعودية. 

الزلازل عائق جغرافي 

وفي وسط التكهنات، تبرز فكرة العائق الجغرافي الأخطر وهي الزلازل، حيث كان الدكتور أحمد بدوى، رئيس الشبكة القومية للزلازل بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية التابع لوزارة البحث العلمي، كشف في تصريحات صحفية بأن خليج العقبة يعتبر من أكثر المناطق خطورة في النشاط الزلزالى لوجود الحزام الزلزالي به. ويمكن ربط ذلك بما يقوله الدكتور مجدي صلاح الدين، رئيس قسم الإنشاءات والطرق بكلية الهندسة بجامعة القاهرة، بأنه ليس من السهل إقامة الجسر، إذ إن طوله سيكون 3 كيلومترات، إضافة إلى عدم إمكانية عمل أعمدة وقواعد للجسر في البحر الذي تمر فيه السفن والطبيعة الملاحية للمنطقة، كما أن نوعية الحديد والخرسانة المستخدمة حاليا على مستوى العالم لا تصلح لتحمل الضغوط وسير الناقلات فوق الجسر البري. وبحسب تصريحات المهندس كمال المنجي نائب رئيس هيئة الطرق والكباري السابق، فإن المشكلة الأساسية أن المكان المقرر انطلاق مشروع الجسر منه على شكل حرف "B"، وبالتالي فإن القاع ليس مستويًا، ولذلك يتطلب الأمر دراسة فنية على أعلى مستوى. 

الخبراء عكس وزير النقل

وفي هذا الصدد قال الدكتور سعيد اللاوندى أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي، وخبير العلاقات الدولية والإستراتيجية بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، في تصريحات خاصة لـ"الدستور" إن المشكلة ليست في العلاقات الدولية بين البلدين أو اعتراض سياسيين أو اعتراضات دولية وإنما جاء مقترح إنشاء نفق بدل الجسر بناء على طلبات الشباب المصري على مواقع التواصل الاجتماعي ، الذين دعوا لإنشاء النفق بدل من الجسر انطلاقا من فكرة أن الشعب هو الحاكم والمحكوم. لكن اللاوندى، ينفي العقبات التي طرحها بعض الفنيين أمام بناء الجسر مشيرا إلى أن هناك جسور معلقة عديدة قامت في تركيا ولندن وأمريكا استراليا، ويقول أن الجسر استوفى جميع الدراسات لبنائه ولا صحة لهذه الآراء، معتبرا أن احتمالية إنشاء الجسر أعلى بكثير من فكرة إنشاء النفق الذي يتطلب مبالغ طائلة، وهو ما يتناقض مع تصريحات وزير النقل التي تقول إن الدراسات لم تتم بعد، وإن تكلفة الأنفاق أعلى بكثير. ومن جانبه قال مختار غباشي، رئيس المركز العربي للدراسات العربية والإستراتجية، لـ"الدستور" إن هناك توافق عام على فكرة بناء الجسر، مشيرا إلى أن جميع التصريحات التى تقيد بناء الجسر لا أساس لها من الصحة، خاصة أن إقامة أي جسر في العالم لابد أن تمر بعدد من الدراسات ولابد وأن يكون الجسر البري مر بهذه المرحل. وتابع قائلا: أنا شخصيًا أؤيد بناء جسر خاصة أنه سيكون له محطاته، في تيران وصنافير، وهو الأمر الذي يصل عرب أفريقيا بآسيا، كما أن بناءه يشعر المصرين بأن أقدامهم «ما زالت في أرضهم».

الدستور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Search