الاثنين، 20 يونيو 2016

هل أنا... مزدوج؟ بقلم ..محمد العطوان

هل أنا... مزدوج؟ بقلم ..محمد العطوان



اشتريت جهازا للتنبيه عن الحريق ووضعته في شقتي، ولكن مشكلته أنه اندلعت ثلاث حرائق ولم نسمع صفارة الإنذار إلا بعد أن قامت «المطافئ» بالواجب، وعندما ذهبت لإرجاعه قال لي البائع انه جهاز حكومي ويطلق الصفارة بعد فوات الأوان.
ولذلك عزيزي القارئ، اسمح لي أن أتكلم معك في موضوع أخطر من موضوع الإنذار الحكومي قبل فوات الأوان أيضاً.
لاحظت في الفترة الأخيرة أنني أعاني من حالة (إزدواجية) ولكنها ليست في الجنسية ولله الحمد ولكن في الشخصية فقط.
ففي المنزل وفي المقهى وفي المنتدى الثقافي الذي أجلس فيه وليس فيه من الثقافة شيء أجد نفسي أتكلم عن انحطاط الأعمال الفنية والتلفزيونية والمسرحية، وأستعير عبارات أرسطو وأفلاطون في الفن لأوضح مدى قبحها، ثم أطالب بوقف هذه الأعمال، ولكن ما أن أقابل أي فنان من الفنانين والفنانات الذين يقومون بهذه الأعمال حتى أجد نفسي أستعير عبارات شعراء الأندلس في الغزل لأوضح لها مدى جمالها، ثم أطالب بصورة من أجل الإنستغرام، ولا أدري لماذا اسلك مثل هذا السلوك المرضي معها؟ فهل يعقل أن عقلي اللاواعي ينتظر منها أن (تحتضنني) في عالم الفن؟
وذات يوم قابلت أحد السياسيين فأخذت أمتدح أداءه البرلماني وتصريحاته السياسية، رغم أن علاقته بالسياسة مثل علاقة مسيلمة الكذاب بالنبوة، ومن فرط حماسي معه كدت أن أقول له (زوجتك نفسي على الدستور والشاليه المسمى بيننا)!! ومرة أخرى أتساءل: هل يعقل أن العقل اللاواعي عندي يطمع في أن أكون من ضمن الوفد (المنافق له)؟
ما الذي يجعلني أتخذ منهجا أخلاقيا أبرز سماته أنه خالٍ من الأخلاق كخلو الحليب من الدسم وخلو البنزين من الدعم؟
بل إن الموضوع وصل معي إلى حد أني أهديت أحد الوزراء الذي أنقم على طريقته في الإدارة أغنية (اختلفنا مين يحب الثاني أكثر) لمحمد عبده.
وقبل أن تتهمني بالنفاق والبراغماتية والميكافيلية والنفعية وقائمة طويلة من المصطلحات، التي يستعلي بها المثقفون على العامة، كما يستعلي العامة على بعضهم البعض باللغة الإنكليزية، اسمح لي أن أخبرك بالحقيقة الكاملة حول تبرير سلوكي المتناقض والمزدوج.
حسب الدستور جميع المواطنين متساوون أمام القانون في الطول والعرض، ولكن الواسطة والمحسوبية استثنتا الارتفاع، فالواسطة والمحسوبية هما ما جعلاني (مجرما)، ولذلك فقد درست علم (النفاقولوجيا) بإتقان لكي أستطيع أن أعيش في نظام يضع (العلاقات) على رأسه ويعمل لها ألف حساب، ويضع (الكفاءات) في رأسه ويحاسبها أشد الحساب.
وها أنذا كنت صريحا وصادقا معكم حتى آخر قطرة نفاق أعاني منها، فهل سيتحرك أحد لعلاج هذه الظاهرة قبل أن تستشري بين أبنائنا ويفوت الأوان؟
قصة قصيرة:
على برنامج «الفتوى» بدا الشيخ زاهدا مطمئنا لآخرته، لقد كان رائعا في سرد كامل الآيات والأحاديث التي تتكلم عن الفقر والزهد، وفي الوقت نفسه كانت كل رسائله على الهاتف تُبيّن له أن أداء زوجته أكثر روعة في (سحبة الكي نت) الخاص به والممتلئ حتى الثمالة.
كاتب كويتي
@moh1alatwan.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Search