قد يكون من الطريف الدخول إلى غرف العزاب المستأجرين في السكن الخاص، حيث تكتشف أشياء لم تكن تعرفها، وتفاجأ بأمور قد تظن أنها لا توجد في الكويت.
«الراي» اقتحمت أحد معاقل العزاب في منطقة سكن خاص للمواطنين، واستكشفت عن قرب واقع الإيجارات، وعندما عرفنا السبب بطل العجب، فقد اتضح لنا أن تأجير المواطنين بيوتهم للعزاب مربح جدا، وهو أربح من تأجير شقة لمواطن آخر يرغب في السكن بالمنطقة.
فعند العزاب يكون التأجير بالغرفة، وأحيانا بجزء من الغرفة، وهو ما عرفنا من المستأجرين العزاب الذين أفصحوا عن أرقام عجيبة، فإيجار الغرفة يصل إلى 120 دينارا، بينما تأجير مكان في الغرفة المشتركة يتسع لسرير يبلغ 40 دينارا !
والمفاجئ أن بعض المواطنين قام من اجل المال بتقسيم بيته الى نصفين، جهة يسكنها وجهة يؤجرها للعزاب، وذلك لتفادي عملية قطع التيار الكهربائي عن العزاب في مسكنه، لأن القانون لا يسمح للجهات المختصة بالتصدي لمثل هذه الحيل، بل من المواطنين من استغل الساحات الخارجية والحديقة الخلفية لمنزله وبنى فيها غرف الكيربي بعيدا عن الرقابة وأجرها للعمال العزاب مستغلا هذه المساحة لممارسة الكسب غير المشروع من املاك الدولة.
وبعضهم أغرتهم المكاسب السهلة فاستغل سطح الملحق او الديوانية في منزله وبنى غرف الكيربي، وجعل السلم الحديد على الشارع الرئيسي دون ان يعير بالا للجهات المختصة التي لا تملك القانون الذي يتيح لها محاسبته على هذا الضرر البصري والتلوث العمراني الذي تسبب به في المنطقة، ناهيك عن اتاحة المجال للعزاب ان يسكنوا في وسط العوائل التي لم تعد تأمن على ابنائها وبناتها وخدمها من تحرشاتهم او السرقات التي تتم بين الفينة والاخرى.
هذا من جهة المواطنين. أما من جهة العزاب فأكدوا انهم يجدون في السكن الخاص راحتهم بعيدا عن المشاكل التي تحدث في السكن الاستثماري بين العزاب، والتي تتطور في كثير من الأحيان إلى هوشات، إضافة إلى أنهم يجدون سكنهم بين المواطنين مربحا لهم ماديا حيث فرص العمل أكثر من السكن الاستثماري.
الحاج احمد علي لم يكن متحمسا للانتقال الى سكن العزاب في المناطق المخصصة له من قبل البلدية، مبينا ان استيطانه في المناطق السكنية سيوفر له فرصا اكبر للرزق «لان الناس تثق فينا اكثر»، وعما إذا عزمت الجهات الرسمية على اخلاء العزاب من المناطق السكينة علق بالقول «الرزق على الله».
وقد وصل الحاج احمد الى الكويت في منتصف ثمانينات القرن الماضي، وكان شاهدا على الدمار الذي حل بالكويت ابان الغزو الغاشم على الكويت، معتبرا «ان حياته في الكويت ولم يتحفز للعودة الى دياره مصر التي قدم منها، مؤكدا ان اهل الكويت اهل خير والشغل بالنسبة له طيب وهو يسكن في الصباحية منذ سنوات لا يعرف عددها، ويعرف اهلها وعمل في غالبية بيوتها في مجال العمارة والبناء ولا يزال يملك الصحة لهذا العمل».
وعن المخاطر والازعاج الذي يسببه العزاب لاهالي المنطقة رد قائلا «طول عمري ساكن في هذه المناطق، ولم ار احدا اشتكى منا، ولكن، الآسيويون مشكلتهم مشكلة فهم لديهم عادات مختلفة عن عاداتنا نحن العرب فلا يحتشمون و لا يحشمون الجار، واعتقد هذا ما يسبب المشاكل لاهالي المنطقة».
أما الأفغاني فاروق، فقد باح عما في خاطره، مرددا «ليش ما يسكن هني شنو مشكلة؟» حيث عبر بلهجة عربية مكسرة عن استيائه من منع العزاب من السكن في مناطق السكن الخاص، مبينا ان السكن هناك رخيص نسبيا عن السكن في العمارات وخاصة المخصصة للعزاب، حيث تكثر المشاكل وبعضها يصل الى حد التشابك بالايدي.
وبين ان «العيش في السكن الخاص يتيح لكل العزاب من عائلة واحدة التجمع في سكن خاص بهم، ويكون لديهم شخص له الكلمة في هذا السكن، وهو الأكبر سنا في العائلة، وبذلك تخف الخلافات وتجد توجيهاته مسموعة في احترام الجيران وعدم ازعاجهم فنحن مسلمون نخاف الله و نعرف حق الجار».
وعبر فاروق عن استيائه من سكن العمال الذي ستخصصه الحكومة للعمال العزاب، فأنا كنت اسكن في خيطان ولكن المشاكل كانت كثيرة بين الجاليات حيث في اليوم تحدث مشكلة او اثنتان، والشرطة لا تتدخل حتى يحدث الصدام بين الجاليات وانا شاهدت مشكلة المصريين مع البنغال في خيطان، ولم نستطع الوصول لسكننا اكثر من ثلاثة ايام، فمناطق العمال مثل خيطان وجليب الشيوخ يكثر فيها (علي بابا) - يقصد العصابات - ولازم ندفع لهم الاتاوات او يضرونا في الكويت او في بلادنا.
عمالة متحفّزة لأي زائر
انتقلنا في جولتنا الى سكن عزاب في احدى المناطق وعندما طرقنا الباب كان العمال مجتمعين في الممر، وكأنهم يراقبون من يقترب من باب البيت، وفتح الباب وخرج الجميع دون اي كلمه واتجهوا يمينا وشمالا واستوقفنا آخر شخص خرج وقلنا له نحن من جريدة «الراي» نريد عمل لقاء معك ففر هاربا وترك الباب مفتوحا التقطنا منه عددا من الصور.
وقد شهدنا صعوبة في الحديث مع العمال العزاب الذين يخرجون من سكنهم ليجلسوا على الدوار الرئيسي للمنطقة ينتظرون من لديه عمل في منزله ليعرضوا خدماتهم، وغالبيتهم ممن لا يملكون اقامة صالحة او من الكوريين والصينيين الذين فروا من شركات التعمير، فبمجرد رفع الكاميرا للتصوير لا تجد الا الغبار يتطاير في اماكنهم ولا يأتون فرادى بل بشكل جماعات ليسهل عليهم الفرار من اي كمين أمني.
الراي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق